قامت الدنيا ولم تقعد,عندما طالب عادل إمام,بأعلى أجر فى تاريخ الدراما التليفزيونية,عن مسلسل "دموع فى عيون وقحة"والذى كان يحكى قصة البطل المصرى,الذى ضحك على جهاز الموساد الإسرائيلى,إبن مدينة السويس , أحمد الهوان الشهير ب"جمعة الشوان"!!
وقد لاقى المسلسل نجاحاً منقطع النظير,ومازال يعرض حتى الآن,مغطياً على كل المسلسلات,التى أنتجت عن بطولات المخابرات بعد ذلك,بما فيها مسلسل"رأفت الهجان",الذى أغرق المشاهد,فى علاقات البطل العاطفية,مرحلاً الجانب الوطنى,للحلقات الأخيرة,وكأن المؤلف والمخرج,قد تذكرا أخيراً,أن الموضوع عن ملحمة وطنية,وليس عن دموع الست"إستر بولانسكى"ولا حفلات مدام"سرينا أهارونى"!!
ورغم أن عادل إمام,كان فى قمة تألقه,فى تلك الفترة,ولكن أحداً لا ينكر,أن المسلسل,قد ضاعف من شهرة عادل إمام,وساهم فى دخوله,لكل بيت مصرى,وزيادة شهرته ,خصوصاً بين الأطفال"أصبحوا عواجيزاً الآن",بعد أن كانت شهرته منحصرة,فى رواد السينما والمسرح ,وزبائن نوادى الفيديو,على قلتهم فى تلك الفترة!!
فقد كان التليفزيون المصرى,كان هوالمسيطر على البيوت,فى ذلك الزمن,بقنواته الأولى والثانية,والتى لم تكن تضبط إلا بإيريال خارجى,حتى تشاهد المسلسل العربى,فى السابعة والنصف مساءاً,ثم حديث الروح,ونشرة التاسعة حيث ينام معظم المشاهدين,قبل أن ينتهى محمود سلطان,أو زينب سويدان,أو أحمد سمير,من إكمال قراءتها,أما فيلم السهرة,فكان ينحصر بالطبع,فى أفلام الأبيض والأسود,,لفريد الأطرش أو محمد فوزى,أما عبدالحليم فقد كان محجوزاً للمشاهدين فى العيد!!
لذلك كان دخول عادل إمام للتليفزيون,بعد مسلسله اليتيم,"أحلام الفتى الطائر",بهذا المسلسل"دموع فى عيون وقحة",والذى كان يعرض بصفة دورية,مع إحتفالات أكتوبر,مثله مثل فيلم"الرصاصة لا تزال فى جيبى"حتى أصبح من المقررات,التى تفرض على المشاهد المصرى,فى المناسبات الوطنية,كفيلم "رد قلبى"فى 23 يوليو,وأغنية شادية"مصر اليوم فى عيد"فى عيد تحرير سيناء,لذلك ساهم هذا المسلسل,فى فرض شهرة عادل إمام,على عموم البيوت المصرية!!
ورغم أنه يعتمد فى الأساس,على بطولة رجل المخابرات"أحمد الهوان"إلا أن عادل إمام,لم يخرج علينا يوماً,بتصريح عن هذا البطل,الذى توارى عن بريق الشهرة,بل وكان يعانى فى نهاية أيامه,من مصاريف علاجه الكبيرة,وعدم حصوله على علاج,على نفقة الدولة,رغم ما قدمه من خدمات,ساهمت فى صنع نصر أكتوبر,ولم يحصل على أى مقابل مادى,إلا معاشه البسيط,بل كان يسلم كل الدولارات التى يحصل عليها,من الموساد الإسرائيلى,لمسئولى المخابرات المصرية!!
كان أولى بالزعيم المخلوع,من زعامة الكوميديا حالياً,بأن يتولى علاج الرجل,على نفقته الخاصة,لأنه بإختصار وبدون لف ودوران,له فضل عليه فعلاً,ليس لأنه ساهم فى شهرته,وهذه حقيقة لا تنكر,ولكن لأنه مواطن مصرى شريف,كاد أن يضحى بحياته,من أجل عزة كل المصريين,ومن بينهم عادل إمام!!
وبعيداً عن المقارنات الغريبة,بين من كان يرقد وحيداً فى مستشفى,ولا يجد نفقات علاجه,رغم ما قدمه من أجل هذا الوطن,وبين الآخر الذى يجلس,تحت أضواء الكاميرات,حاصداً كل الشهرة والمال,فهذه مقارنات لا محل لها من الإعراب ,على الأقل فى مصر,التى أبعاد الشهرة والثروة والمال فيها,أبعد ما تكون عن التضحية والفداء,من أجل الوطن,ولو كان العالم فى مجاله,يأخذ حظه من الشهرة والمال,مثل الراقصة "العالمة"فى مجالها,لكانت هذه المقارنة تجوز فعلاً!!
كنت أتخيل أن"عادل إمام"وهو فى خريف عمره,سوف يتصدر صفوف المعزين,فى عزاء البطل "أحمد الهوان"ولكنى بالفعل لم أجده,كما لم أجد منه كذلك,نعياً صغيراً فى الأهرام,أو حتى بيان مجانى,يصدر من مكتب الفنان الكبير,ينعى فيه البطل الكبير,الذى جسد قصة حياته على الشاشة,ولكن يبدو أن الزعيم المخلوع,قد أصابه بالفعل"زهايمر",ويبدو أن الدموع لم تعد تظهر,حتى فى العيون الوقحة,وسبحان من له الدوام!!
0 التعليقات:
إرسال تعليق